administrator
4923 21/03/2011
| موضوع: بحث ಈ |[□ـ‗ الطب الصيني الأحد 22 أبريل 2012, 1:03 am | |
|
إن أصول الطب التقليدي الصيني Chinese traditional medicine متناهية في القدم، ومع ذلك فهي معروفة بدقة؛ فقد كان الإنسان البدائي الصيني الذي دعاه المؤرخون بإنسان بكين (150000سنة قبل الميلاد) يعتقد بأن جسم الإنسان مسكون من قبل نوعين من الجن أحدهما نافع والثاني ضار، وأن الألم والأمراض التي تصيب الإنسان من عمل الجني الضار الذي لاسبيل لمكافحته إلا بالوخز بالأشواك. ومع مرور الزمن استعاض الإنسان عن الأشواك النباتية بأدوات حجرية حادة الرؤوس تشبه المخرز وسيلة لمعالجة الأمراض وتسكين الألم، سمّوها بيان bian. ولم يكتشف التأثير غير المباشر لهذا الوخز إلا فيما بعد، نتيجة للملاحظات الدقيقة المتراكمة خلال قرون عديدة أدت في النهاية إلى اكتشاف فائدة المعالجة بالوخز بالإبر. ولكن هذه الملاحظات لم تنتقل بين الأجيال إلا مشافهة عن طريق السماع ممزوجة بالأساطير والخرافات. ففي عام 3200 قبل الميلاد قام الامبراطور شين نونغ شي Shen Nong Shi، باختراع أشكال ورموز تتألف من خطوط مستقيمة ومنكسرة سجّل بها ما تراكم من هذا الإرث الطبي خوفاً من ضياعه؛ لذلك يعد هذا الإمبراطور مخترع الطب الصيني، وفن الكتابة، ومعلم رعيته الزراعة، وكيفية انتقاء النباتات والثمار والبقول الصالحة للأكل والمفيدة للحفاظ على الصحة.
أما الكتابة الصينية الحقيقية فلم يتم اختراعها إلا من قبل الامبراطور الأصفر هوانتي Huangdi، الذي اخترع الحياكة وقرْن الدواب (وضع النير في رقابها) وسك النقود، كما قام بتسجيل جميع الملاحظات والممارسات الطبية التي خلفها من سبقه وجعلها علماً مستقلاً.
كان الامبراطور الأصفر أول من أعدَّ كتاباً عن الوخز بالإبر وصل إلينا، اسمه ني تشين صو وان Nei Jing Shu Wen، فبعد كثير من التصحيح والتغيير والإضافة على مر العصور أخذ هذا الكتاب شكله النهائي الذي وصل إليه في عام 200ق.م في عهد سلالة الهان. ومع ذلك ظل الوخز بالإبر متأثراً بالأساطير حتى بداية القرن الأول الميلادي إذ تخلص منها على يد هوا توو Hua Tuo، الذي أصلح طرق استعمال النبض وعلم الوخز بالإبرة الواحدة والمعالجة بمواد دوائية قليلة المقدار جداً، كما كان هذا الرائد جرَّاحاً كبيراً يستعمل التخدير العام بوساطة القنب الهندي، ويمارس فتح البطن وزرع الأعضاء، وكان يصف الرياضة، وهو الذي اخترع طريقة التمارين الرياضية المسماة Wuqin، التي لاتزال تتمتع بشعبية كبيرة.
وبعد قرن من الزمن أضيف إلى الوخز بالإبر تقانات جديدة كالحمية والمعالجة الفيزيائية والتمسيد وحفظ الصحة (الخاصة بالأعضاء التناسلية) تحت تأثير البوذية والطاوية. وبالمقابل فإن المحظورات الاجتماعية حالت دون تطور الفحص السريري، فقد كان من الصعب كثيراً فحص النساء بحرية كما يٌفحص الرجال. وربما تكمن هنا أصول علم النبض الصيني غير المألوف، إذ كان فحص النساء ممنوعاً ويعاقب فاعله بحسب قانون وضع لذلك، فلم يكن يسمح إلا بفحص الساعد أو الرسغ من وراء ستار أو حاجز، وهكذا فقد دفعت الضرورة بالصينيين إلى اكتشاف مختلف أنواع النبض وملاحظة تبدل قوته، مما يشكل علامات وأعراضاً ذات دلالات أساسية بالنسبة لتشخيص المرض.
تطور الطب الصيني وتعليمه
ظهرت في عصر سلالة الصونغ (960ـ1126م) موسوعة طبية إمبراطورية يمكن عدّها تنقيحاً لكتاب ني تشين صو وان. وفي عام 1070م تأسست في بكين كلية لتعليم الوخز، وفي الوقت نفسه صنع أحد الفنانين تمثالاً نحاسياً بحجم الإنسان الطبيعي وسيلة تعليمية، نقشت على سطحه جميع نقط الوخز وعددها ثلاثمئة وسبعون، وسرعان ما ظهرت نسخ مجوفة لهذا التمثال يمكن ملؤها بالماء، وكانت نقاط الوخز فيها مثقوبة تطلى بطبقة رقيقة من الشمع يؤدي ثقبها إلى خروج الماء.
وهكذا فقد انتظم الطب وتعليمه، وساسته قوانين أخلاقية وقواعد مسلكية للممارسة تفرض معاقبة الطبيب الجاهل، كما ظهرت أعداد من الكتب كادت تضيع في أثناء الاكتساح المغولي للصين.
في عهد سلالة المينغ (1126ـ1368م) ازدهرت الفرماكولوجيا على يد طبيب من عائلة أنجبت عدداً من الأطباء، اسمه لي شي تسان Li Shizhen، ألف كتاباً عنوانه Compendium of Materia Medica. يحتوي على أربعة آلاف صورة لنباتات طبية وقد ترجم هذا الكتاب بعد طبعاته التي زادت على الأربعين إلى كثير من اللغات الأجنبية، منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والكورية واللاتينية والروسية.
في هذه الحقبة ازدهر الوخز ونشط ممارسوه في الثلاثمئة سنة التالية دون أن يدخلوا عليه شيئاً جديداً. فقد طرأ على المجتمع الصيني ما يشبه الثورة الصناعية، إذ كثرت معامل الورق والنسيج وصهر الحديد، كما حظي الوخز بتشجيعٍ كغيره من الفنون والحرف.
انحدار الوخز وتراجعه
كان عصر سلالة التشين (1644ـ1912م) Ching عصر فوضى وبداية تأثير الغرب في الامبراطورية الصينية، حيث اشتعلت حرب الأفيون عام 1840، وأخذت البلدان الأوربية تقتطع مناطق نفوذ لها على الأراضي الصينية. في هذه الظروف كان الأباطرة ينظرون إلى الطب التقليدي الصيني بأنه عائق عن التقدم، لذلك أصدرت الدولة عام 1822 مرسوماً يقضي بإلغاء موضوع الوخز من منهاج كلية الطب الامبراطوريه. وقد وفد إلى الصين في هذه الحقبة عدد من الأطباء المبشرين الذين جاؤوا ليُعلِّموا ويشفوا ويبشروا، وقد ثبت أن الطب الذي أُتي به قليل الشبه بالطب الأوربي المألوف؛ لذلك فإنه لم يفد أحداً إلا في الجراحات البدائية البسيطة. وتدل السجلات على أن أهم ما قام به المبشرون من خدمات، هو تأسيس كليات للطب في مدينتي كانتون وتيانجين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان من نتائجها ترجمة الكتب الطبية الأوربية إلى اللغة الصينية وتخريج الأطباء على الطريقة الغربية، مما أدى إلى إهمال الطب التقليدي الصيني وإصدار قانون يمنع ممارسته عام 1929.
لم تمنع هذه القوانين طبقة الفلاحين الفقراء من الاعتماد على الوخز بالإبر في مكافحة الأمراض، لأنها الوسيلة الوحيدة المتوافرة لهم. وقد اتبع الجيش الصيني الشيوعي هذا النهج في أثناء مسيرته الكبرى وحربه التي امتدت من عام 1928 إلى عام 1949، حينما تم الاستيلاء على الحكم. وبعد قيام الثورة الثقافية عام 1966، حظي الطب التقليدي الصيني بتشجيع كبير من قبل الدولة. وعلى الرغم مما رافق الثورة الثقافية من عداء للعلم والفن، وبالرغم مما تعرضت له المؤسسات التاريخية والمتاحف وأماكن العبادة من عبث الحرس الأحمر، فقد تبنت الثورة الصينية بعث الطب التقليدي الصيني ورعت ممارسيه. وللرئيس ماوتسه تونغ أقوال كثيرة في تمجيد الطب القديم والحث على كشف أسراره ونشر فوائده بين الجماهير. وتكاد تكون فكرة تكوين الأطباء الحفاة تكريساً وتمجيداً لهذا الطب الذي يتصف بالبساطة وسهولة الممارسة وقلة التكاليف، فضلاَ عن تعويضه عن النقص الهائل في عدد الأطباء المؤهلين على الطريقة الحديثة.
النظريات الأساسية للطب التقليدي الصيني
| الشكل (1) |
تستند المبادئ الأساسية للطب التقليدي الصيني إلى نظريات الين يانغ والعناصر الخمسة والظانك فو والأقنية والشعب
ـ نظرية الين يانغ: تقول نظرية الين يانغ (الشكل 1) إن كل شيء في هذا الكون يتألف من عنصرين ضدين هما الين واليانغ، وهما دوماً بحالة صراع وخضوع متبادل وتعد العلاقة بينهما القانون العام للعالم المادي والمبدأ والينبوع لوجود الكائنات، وهما أصل خلق المخلوقات وفنائها، وتشرح هذه النظرية التفاهم والاختلاف والإتلاف والبناء والتحويل بين الين واليانغ، وهذه العلاقة مطبقة بصورة لاحدود لها في الطب التقليدي الصيني لتفسير فيزيولوجية وباثولوجية جسم الإنسان وهي التي توجه التشخيص والمعالجة. ويقول الصينيون بأن الين يشبه الماء ببرودته وظلمته واتجاهه نحو الأسفل، أمَّا اليانغ فإنه يشبه النار بحرارتها ولمعانها واتجاهها نحو الأعلى، وتبعاً لذلك يصنف كل ما هو ساكن ولطيف وبارد وهادئ ومؤنث في زمرة الين، وكل ما هو متحرك وحار وسريع ومذكر في زمرة اليانغ. وتطبق هذه النظرية على أنسجة الجسم وأعضائه وأجهزته؛ فالأطراف والجذع والجلد تعد من زمرة اليانغ؛ لأنها خارجية تتحرك بقوة بينما تعد الأحشاء الداخلية من زمرة الين.
| الشكل (2) |
ـ العناصر الخمسة: من النظريات التي يرتكز عليها الطب التقليدي الصيني نظرية العناصر الخمسة وهي : الماء والتراب والخشب والمعدن والنار. وهي المواد التي يتألف منها العالم المادي.
ويعتقد الصينيون أن بين هذه العناصر ترابطاً وصلة، وهي دوماً بحالة حركة وتحول. وتطبق هذه النظرية في الطب الصيني لتصنيف الحوادث الطبيعية في جسم الإنسان وأعضائه وأنسجته وعواطفه، ولتفسير العلاقة بين ما هو فيزيولوجي وما هو باثولوجي في الوسط الداخلي الذي يخضع لقانون التفاعل والتعاون في البناء، كما يخضع لقانون التضاد بين العناصر الخمسة.
ـ نظرية الظانك فو: أما تعبير «الظانك فو»، فيعني العناصر التشريحية للأعضاء الداخلية، كما يعني بالوقت نفسه الوظائف الفيزيولوجية لجسم الإنسان بصورة عامة؛ فالقلب والكبد والطحال والرئة والكلية والتامور تؤلف مجموعة تسمى الأعضاء «الظانك الستة»، وظيفتها الفيزيولوجية الرئيسة تصنيع المواد الأساسية واختزانها بما في ذلك الشْيء Q، أي القدرة الحياتية والدم والسوائل العضوية، أما الأمعاء الدقيقة والمرارة والمعدة والأمعاء الغليظة والمثانة «والصان جياو» (المحارق الثلاثة) أي: الصدر والبطن والحوض فتعرف بمجموعة الأعضاء «الفو الستة» وهي مسؤولة عن استقبال الطعام وهضمه، وتمثل المواد المغذية ونقل الفضلات وطرحها، إضافة إلى عضوين «فو» غَير عاديين هما الدماغ والرحم.
ـ نظرية الأقنية والشعب: تقول نظرية الأقنية والشعب بوجود أقنية وشعب على سطح الجسم تصل بين أعضاء «الظانك فو» الداخلية وبين أعضاء القسم السطحي من الجسم كالحواس والمفاصل وغيرها، على نحو تجعل الجسم وحدة متكاملة. تقوم هذه الأقنية والشعب بتوفير جريان القدرة الحياتية والدم وتوزيع الدفء والغذاء على النسج ووصل كامل الجسم، بحيث تكون أعضاء الظانك والفو مع الأطراف الأربعة والجلد والعضلات والأوتار والعظام مجموعة متضامنه ووحدة كاملة. وتستعمل نظرية الأقنية والشعب دليلاً لمعالجة الأمراض في مختلف الاختصاصات، وخاصة الوخز بالإبر والكي بالموكسا. وتبدأ المعالجة بالوخز بالتفتيش أولاً عن القناة المصابة أو عضو الظانك أو الفو، ثم تنتقى النقاط من منطقة الآفه ذاتها أو من المنطقة المجاورة أو البعيدة، ولكن دوماً من القناة نفسها. ولايتم الشفاء إلا عندما ينتظم دوران القدرة الحياتية والدم في الأقنية والشعب.
النبض الصيني
تهيمن فكرة النبض على الباثولوجية الصينية كلها،لأن النبض هو العنصر الأساسي في موضوع التشخيص، فكل مرض من الأمراض له نبض خاص؛ لذلك يجب على الطبيب أن يجس النبض لمعرفة حالة الأجهزة العميقة. وطقوس الفحص الطبي لاتتبدل أبداً إذ يضع المريض ساعده على وسادة وثيرة، ثم يأتي الطبيب فيجس نبضه، ويغط في تأمل عميق قد يستغرق عدة ساعات يضع في نهايتها تشخيصه، ويصف العلاج حتى دون أن يسأل المريض عن شكايته. وهنالك أكثر من مئتي نوع من النبض، ستة وعشرون منها تنذر بالموت. هكذا تقول موسوعة النبض التي كتبها وانغ تسو هو Wang Chou Ho في القرن الثالث قبل الميلاد.
فارماكولوجيا غنية جداً
يستحيل الإحاطة بكل ما في الصيدلية الصينية من أدوية لكثرتها، فمنذ أقدم العصور استعمل الصينيون في طبهم كل ما يطير في الهواء ويسبح في الماء وما تنبته الأرض من أعشاب أو يعيش في باطنها، كما استعملوا كل النباتات المعروفة في أوربا، كالأكونيت وعرق السوس والكافور والراوند والقنب الهندي والأفيون للتخدير والزرنيخ في أمراض الجلد والزئبق علاجاً للإفرنجي والكبريت للجرب. وتستعمل النباتات الطبية غالباً بشكل خلاصات، ومع ذلك فإن الصينين يعرفون الشراب والحبوب والمناقيع، ويتداوون بالتمسيد والحجامة والفصادة.
الوخز العملي
تستعمل في الوقت الحاضر إبر لينة من الفولاذ الذي لايصدأ، لها مقبض يسهل المنابلة manipulation، ويختلف طول الإبرة بين سنتمتر واحد وثلاثين سنتمتراً وثخانتها تراوح بين قياس 26 و30 من قياسات الإبر العضلية. يجب تعقيم الإبر ومنطقة الوخز وأيدي من يقوم بالعمل بمحلول معقم كاليود أو الغول. ولتحديد نقاط الوخز يستعمل الصينيون وحدة اسمها تصون Cun، وهي المسافة بين ثنيتي السلامية الثانية من الإصبع الوسطى للمريض. وهناك اصطلاح آخر هو 1/12 من المسافة بين ثنية الرسغ وثنية المرفق وتسمى أوم Aum.
الأقنية والشعب
إن وصل النقاط التي لها الوظيفة نفسها ببعضها يشكل الأقنية، وتسمى كل قناة باسم الجهاز الذي تتصل به وتؤثر نقاطها فيه.
فمنذ أقدم العصور اكتشف الصينيون وجود 365نقطة على سطح الجسم موزعة على اثنتي عشرة قناة مزدوجة ومتناظرة، ثم أضيف إليهما قناتان إحداهما أمامية والثانية خلفية، وإضافة إلى نقاط الأقنية توجد نقاط على سطح الأذن واليد والوجه تعرف من المنعكسات النوعية التي تحدثها في أجهزة معينة. وقد وصل عدد النقاط في العصر الحاضر إلى ما يقارب ألف نقطة.
تحدد النقاط لمعالم ثابتة على سطح الجسم، كالنتوءات العظمية والثنيات الجلدية وغيرها. وهناك أجهزة تساعد على تعيين أمكنة النقاط بوساطة قياس المقاومة الكهربائية لسطح الجلد التي تعطي إشارات ضوئية أو سمعية عند الضغط على مكان نقاط الوخز. وأما أسماء الأقنية فهي: قناة الرئة وقناة الأمعاء الغليظة وقناة المعدة وقناة الطحال والمثانة والكلية والقلب والتامور والمحارق الثلاثة والمرارة والكبد.
يتم إدخال الإبرة في نقطة الوخز اعتماداً على وحدة الصون والعناصر التشريحية التي سبق ذكرها، ويمكن أن تتجه هذه الإبرة عمودياً أو أفقياً أو باتجاه مائل ثم تفتل بسرعة وتحرك للأعلى والأسفل، وهذا ما يسمى بالمنابلة، حتى حصول ما يشبه المس الكهربائي أو الامتلاء أو الثقل أو الدفء في العمق المناسب، وتترك في مكانها بين عشرين وثلاثين دقيقة، وهو مقدار زمن جلسة الوخز، ويحتاج المريض عادة من عشر جلسات إلى عشرين جلسة بفاصل يوم أو يومين ولايجوز معاودة الوخز قبل مرور عدة أسابيع.
الكي بالموكسا moxibustion
وهو تطبيق الحرارة على نقاط الوخز بوساطة وضع قطع من أوراق الموكسا المجففة (حبق الراعي) artemesia vulgaris، على قبضة الإبرة ثم إشعالها لكي تنتقل الحرارة إلى الأقسام العميقة من النسج.
ومن الممكن تطبيق الوخز من دون إبر؛ إذ إن استجابة الجسم للضغط اليدوي على نقاط الوخز لاتختلف عن استجابته عند استعمال الوخز، ويجري الضغط بوساطة الإبهام أو غيره من الأصابع بشدة تحدث حساً مؤلماًً منتشراً، ولكنه مقبول من قبل المريض.
بعض الفوائد التي يمكن أن تجنى من المعالجة بالإبر
ـ تحسين الدوران المتناهي الصغرmicrocirculation، وخصوصاً التوسع الوعائي للشعيرات.
ـ تسكين الألم أو تخفيفه أو حدوث تخدير بسبب طرح الأندورفينات والـ ACTH وغيرها من العناصر الخليطة. وتتناول تطبيقاتها العملية الأمراض الرثوية وآلام المفاصل وعرق النسا وآلام الظهر والصداع بجميع أنواعه وخصوصاً الشقيقة.
ـ استرخاء العضلات المتشنجة.
ـ معالجة الحساسية في الجلد والأغشية المخاطية (الشرى).
ـ خفض ارتفاع الضغط الدموي (بسبب التوسع الوعائي) وهي آلية خفض الضغط بالأدوية نفسها.
ـ معالجة آلام العادة الشهرية.
ـ التفريج من حالات الهمود والقلق.
ـ معالجة المدمنين على المخدرات والمدخنين.
ـ تحسين المناعة في حال ضعف مقاومة الأخماج المتكررة ورفع نسبة الغاماغلوبين.
ـ تحسين الرؤية في حالة نقصها وتحسين السمع.
وهناك مجالات أخرى يكتشفها الممارسون في أثناء معالجتهم للمرضى.
أسباب تأثير الوخز بالإبر وآلياتها
منذ أوائل الخمسينات، أخذ الصينيون في تكثيف أبحاثهم الهادفة إلى كشف النقاب عن آليات تأثير الوخز والتبدلات الفيزيولوجية والحيوية الكيمياوية التي ترافقها؛ إذ لم يعد أطباؤهم الذين درسوا الطب على الطريقة الغربية يقتنعوا بالنظريات القديمة التي تجمع بين الفلسفة الكونفوشيوسية والعبادة الطاوية والخرافة. ففي العصر الذي دخل فيه المجهر الإلكتروني مخابرهم لم يعد الطبيب الصيني يؤمن إلا بما يرى ويلمس. وبفضل بعض الباحثين الصينيين دبت روح جديدة في مراكز البحث العلمي، وخصوصاً أكاديميات الطب التقليدي في بكين وشنغهاي، وكانت أهم تلك الأبحاث مصالبة الدوران لدى الفئران والأرانب والقطط والكلاب والعجول، فقد كانوا يجرون عملية جراحية للوصل بين جهازي الدوران في الحيوانين، وبعد تطبيق الوخز على أحدهما لاحظوا ارتفاع عتبة الألم في الحيوانين معاً. مما يوحي بشدة بأن تبدلاً ما يحدث في العناصر الخليطة في أثناء الوخز قد يؤدي إلى تكوّن أو إنتاج أو طرح مادة مسكنة في أثناء المنابلة، وهذه المادة يمكن أن تنتقل إلى الحيوان الثاني من خلال الوصل الدوراني. وقد توصلت مخابر في أوبسالا في السويد وأبردين في سكوتلاندا ومونتريال في كندا وريشموند في الولايات المتحدة وفي وقت واحد تقريباً عام 1975 إلى معرفة هوية تلك المادة التي تنبأ الصينيون بوجودها، ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة هويتها أو عزلها أو معايرتها، وهي الأندورفين endorphin، أي: (المورفين الداخلي)، وقد تمكن الباحثون فيما بعد من العثور على سلاسل من الأندورفينات والأنكيفالينات enkephalins التي عدت أعظم اكتشاف في سني السبعينات من القرن الماضي، مما حدا بالعالم Hugh Goldstein إلى القول إن الإنسان يحمل مسكنات ألمه، وإن الوخز بالإبر أبسط طريقة لاستعمال هذا الدواء الطبيعي.
توالت الأبحاث واستنبطت نظريات قدمت الدليل تلو الآخر على أن الوخز جدير بأن يتبوأ مركزاً مرموقاً بين أسلحة الطب الحديث؛ فنظرية بوابة الألم التي قال بها ميلزاك Melzak وول Wall، أوجدت تفسيراً آخر للطريقة التي يتم بها تسكين الألم المزمن. ويعد الوخز طريقة ناجعة لتسكين الألم المزمن تشترك في كثير من خصائصها مع طريقة استنبطت من نظرية البوابة، وهي الإثارة الكهربائية عبر الجلد لنقاط إطلاقtriggering points تسيطر على العضلات وما يرافقها من ألم. فقد ظهرت دراسة تفيد بأن هناك صلة وثيقة بين نقاط الإطلاق ونقاط الوخز الخاصة بتسكين الألم، وعلى الرغم من أن الوخز بالإبر وإثارة نقاط الإطلاق اكتشفتا بصورة منفصلة فإنهما تمثلان الحادثة نفسها، ويمكن تفسيرها بما لهما من فعل ناه على جهاز بوابة الألم.
الطب التقليدي الصيني في العصر الحديث
أصبح لهذا الطب القديم أتباع وممارسون ومدارس في أكثر بلدان العالم الغربي؛ ففي فرنسا وحدها يمارس الوخز بالإبر أكثر من ثلاثة آلاف طبيب، وفي ألمانيا والنمسا يعد ممارسوه بالمئات، وفي روسيا توجد له مؤسسات علمية تدرسه وتُدرِّسه وتُعمِّم فوائده وتعالج به. وفي الولايات المتحدة ينتشر ويتوالى الاعتراف به اختصاصاً يمارس في عيادات الألم التي يديرها الأطباء المخدرون و المختصون بالأمراض العصبية، ويعالجون فيه شتى أنواع الآلام المعندة على المعالجات الكلاسيكية التقليدية. وقد دعت منظمة الصحة العالمية إلى دمجه مع الطب الغربي، وشجعت وموَّلت تأسيس معهد لتدريسه في سريلانكا منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وفي كل سنة تعقد عدة مؤتمرات علمية تلقى فيها مئات الدراسات والأبحاث المتعلقة بالوخز العلمي والوخز العملي.
وفي بداية خمسينات القرن الماضي أكتشف الصينيون أن الأذن الظاهرة تحتوي على تقزم لكامل جسم الإنسان homunculus، يضم جميع أعضاء الإنسان وأجهزته، ومن هنا أنطلق الوخز الأذني ear acupuncture والتخدير الأذني في العمليات الجراحية. كما اكتشف الصينيون وخز فروة الرأس acupuncture scalp، وقالوا إنه يفيد في أمراض المخ كالسكتة stroke، ذلك أن ما يصيب الدماغ من أمراض يحدث تنبيهاً سطحياً في منطقة الفروة التي تجاور القسم المصاب من الدماغ.
ومن أواخر التقانات الجديدة التي اكتشفها الصينيون الوخز الكهربائي، وهو تنبيه لإبر الوخز بوساطة تيار كهربائي خفيف، وقد وجدت له فائدة في التخدير بوساطة الوخز بالإبر في العمليات الطويلة.
إن أصول الطب التقليدي الصيني Chinese traditional medicine متناهية في القدم، ومع ذلك فهي معروفة بدقة؛ فقد كان الإنسان البدائي الصيني الذي دعاه المؤرخون بإنسان بكين (150000سنة قبل الميلاد) يعتقد بأن جسم الإنسان مسكون من قبل نوعين من الجن أحدهما نافع والثاني ضار، وأن الألم والأمراض التي تصيب الإنسان من عمل الجني الضار الذي لاسبيل لمكافحته إلا بالوخز بالأشواك. ومع مرور الزمن استعاض الإنسان عن الأشواك النباتية بأدوات حجرية حادة الرؤوس تشبه المخرز وسيلة لمعالجة الأمراض وتسكين الألم، سمّوها بيان bian . ولم يكتشف التأثير غير المباشر لهذا الوخز إلا فيما بعد، نتيجة للملاحظات الدقيقة المتراكمة خلال قرون عديدة أدت في النهاية إلى اكتشاف فائدة المعالجة بالوخز بالإبر. ولكن هذه الملاحظات لم تنتقل بين الأجيال إلا مشافهة عن طريق السماع ممزوجة بالأساطير والخرافات. ففي عام 3200 قبل الميلاد قام الامبراطور شين نونغ شي Shen Nong Shi ، باختراع أشكال ورموز تتألف من خطوط مستقيمة ومنكسرة سجّل بها ما تراكم من هذا الإرث الطبي خوفاً من ضياعه؛ لذلك يعد هذا الإمبراطور مخترع الطب الصيني، وفن الكتابة، ومعلم رعيته الزراعة، وكيفية انتقاء النباتات والثمار والبقول الصالحة للأكل والمفيدة للحفاظ على الصحة.أما الكتابة الصينية الحقيقية فلم يتم اختراعها إلا من قبل الامبراطور الأصفر هوانتي Huangdi ، الذي اخترع الحياكة وقرْن الدواب (وضع النير في رقابها) وسك النقود، كما قام بتسجيل جميع الملاحظات والممارسات الطبية التي خلفها من سبقه وجعلها علماً مستقلاً.كان الامبراطور الأصفر أول من أعدَّ كتاباً عن الوخز بالإبر وصل إلينا، اسمه ني تشين صو وان Nei Jing Shu Wen ، فبعد كثير من التصحيح والتغيير والإضافة على مر العصور أخذ هذا الكتاب شكله النهائي الذي وصل إليه في عام 200ق.م في عهد سلالة الهان. ومع ذلك ظل الوخز بالإبر متأثراً بالأساطير حتى بداية القرن الأول الميلادي إذ تخلص منها على يد هوا توو Hua Tuo ، الذي أصلح طرق استعمال النبض وعلم الوخز بالإبرة الواحدة والمعالجة بمواد دوائية قليلة المقدار جداً، كما كان هذا الرائد جرَّاحاً كبيراً يستعمل التخدير العام بوساطة القنب الهندي، ويمارس فتح البطن وزرع الأعضاء، وكان يصف الرياضة، وهو الذي اخترع طريقة التمارين الرياضية المسماة Wuqin ، التي لاتزال تتمتع بشعبية كبيرة. وبعد قرن من الزمن أضيف إلى الوخز بالإبر تقانات جديدة كالحمية والمعالجة الفيزيائية والتمسيد وحفظ الصحة (الخاصة بالأعضاء التناسلية) تحت تأثير البوذية والطاوية. وبالمقابل فإن المحظورات الاجتماعية حالت دون تطور الفحص السريري، فقد كان من الصعب كثيراً فحص النساء بحرية كما يٌفحص الرجال. وربما تكمن هنا أصول علم النبض الصيني غير المألوف، إذ كان فحص النساء ممنوعاً ويعاقب فاعله بحسب قانون وضع لذلك، فلم يكن يسمح إلا بفحص الساعد أو الرسغ من وراء ستار أو حاجز، وهكذا فقد دفعت الضرورة بالصينيين إلى اكتشاف مختلف أنواع النبض وملاحظة تبدل قوته، مما يشكل علامات وأعراضاً ذات دلالات أساسية بالنسبة لتشخيص المرض. تطور الطب الصيني وتعليمهظهرت في عصر سلالة الصونغ (960ـ1126م) موسوعة طبية إمبراطورية يمكن عدّها تنقيحاً لكتاب ني تشين صو وان. وفي عام 1070م تأسست في بكين كلية لتعليم الوخز، وفي الوقت نفسه صنع أحد الفنانين تمثالاً نحاسياً بحجم الإنسان الطبيعي وسيلة تعليمية، نقشت على سطحه جميع نقط الوخز وعددها ثلاثمئة وسبعون، وسرعان ما ظهرت نسخ مجوفة لهذا التمثال يمكن ملؤها بالماء، وكانت نقاط الوخز فيها مثقوبة تطلى بطبقة رقيقة من الشمع يؤدي ثقبها إلى خروج الماء.وهكذا فقد انتظم الطب وتعليمه، وساسته قوانين أخلاقية وقواعد مسلكية للممارسة تفرض معاقبة الطبيب الجاهل، كما ظهرت أعداد من الكتب كادت تضيع في أثناء الاكتساح المغولي للصين.في عهد سلالة المينغ (1126ـ1368م) ازدهرت الفرماكولوجيا على يد طبيب من عائلة أنجبت عدداً من الأطباء، اسمه لي شي تسان Li Shizhen ، ألف كتاباً عنوانه Compendium of Materia Medica . يحتوي على أربعة آلاف صورة لنباتات طبية وقد ترجم هذا الكتاب بعد طبعاته التي زادت على الأربعين إلى كثير من اللغات الأجنبية، منها الإنكليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والكورية واللاتينية والروسية.في هذه الحقبة ازدهر الوخز ونشط ممارسوه في الثلاثمئة سنة التالية دون أن يدخلوا عليه شيئاً جديداً. فقد طرأ على المجتمع الصيني ما يشبه الثورة الصناعية، إذ كثرت معامل الورق والنسيج وصهر الحديد، كما حظي الوخز بتشجيعٍ كغيره من الفنون والحرف.انحدار الوخز وتراجعهكان عصر سلالة التشين (1644ـ1912م) Ching عصر فوضى وبداية تأثير الغرب في الامبراطورية الصينية، حيث اشتعلت حرب الأفيون عام 1840، وأخذت البلدان الأوربية تقتطع مناطق نفوذ لها على الأراضي الصينية. في هذه الظروف كان الأباطرة ينظرون إلى الطب التقليدي الصيني بأنه عائق عن التقدم، لذلك أصدرت الدولة عام 1822 مرسوماً يقضي بإلغاء موضوع الوخز من منهاج كلية الطب الامبراطوريه. وقد وفد إلى الصين في هذه الحقبة عدد من الأطباء المبشرين الذين جاؤوا ليُعلِّموا ويشفوا ويبشروا، وقد ثبت أن الطب الذي أُتي به قليل الشبه بالطب الأوربي المألوف؛ لذلك فإنه لم يفد أحداً إلا في الجراحات البدائية البسيطة. وتدل السجلات على أن أهم ما قام به المبشرون من خدمات، هو تأسيس كليات للطب في مدينتي كانتون وتيانجين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كان من نتائجها ترجمة الكتب الطبية الأوربية إلى اللغة الصينية وتخريج الأطباء على الطريقة الغربية، مما أدى إلى إهمال الطب التقليدي الصيني وإصدار قانون يمنع ممارسته عام 1929.لم تمنع هذه القوانين طبقة الفلاحين الفقراء من الاعتماد على الوخز بالإبر في مكافحة الأمراض، لأنها الوسيلة الوحيدة المتوافرة لهم. وقد اتبع الجيش الصيني الشيوعي هذا النهج في أثناء مسيرته الكبرى وحربه التي امتدت من عام 1928 إلى عام 1949، حينما تم الاستيلاء على الحكم. وبعد قيام الثورة الثقافية عام 1966، حظي الطب التقليدي الصيني بتشجيع كبير من قبل الدولة. وعلى الرغم مما رافق الثورة الثقافية من عداء للعلم والفن، وبالرغم مما تعرضت له المؤسسات التاريخية والمتاحف وأماكن العبادة من عبث الحرس الأحمر، فقد تبنت الثورة الصينية بعث الطب التقليدي الصيني ورعت ممارسيه. وللرئيس ماوتسه تونغ أقوال كثيرة في تمجيد الطب القديم والحث على كشف أسراره ونشر فوائده بين الجماهير. وتكاد تكون فكرة تكوين الأطباء الحفاة تكريساً وتمجيداً لهذا الطب الذي يتصف بالبساطة وسهولة الممارسة وقلة التكاليف، فضلاَ عن تعويضه عن النقص الهائل في عدد الأطباء المؤهلين على الطريقة الحديثة.النظريات الأساسية للطب التقليدي الصيني | الشكل (1) |
تستند المبادئ الأساسية للطب التقليدي الصيني إلى نظريات الين يانغ والعناصر الخمسة والظانك فو والأقنية والشعب ـ نظرية الين يانغ: تقول نظرية الين يانغ (الشكل 1) إن كل شيء في هذا الكون يتألف من عنصرين ضدين هما الين واليانغ، وهما دوماً بحالة صراع وخضوع متبادل وتعد العلاقة بينهما القانون العام للعالم المادي والمبدأ والينبوع لوجود الكائنات، وهما أصل خلق المخلوقات وفنائها، وتشرح هذه النظرية التفاهم والاختلاف والإتلاف والبناء والتحويل بين الين واليانغ، وهذه العلاقة مطبقة بصورة لاحدود لها في الطب التقليدي الصيني لتفسير فيزيولوجية وباثولوجية جسم الإنسان وهي التي توجه التشخيص والمعالجة. ويقول الصينيون بأن الين يشبه الماء ببرودته وظلمته واتجاهه نحو الأسفل، أمَّا اليانغ فإنه يشبه النار بحرارتها ولمعانها واتجاهها نحو الأعلى، وتبعاً لذلك يصنف كل ما هو ساكن ولطيف وبارد وهادئ ومؤنث في زمرة الين، وكل ما هو متحرك وحار وسريع ومذكر في زمرة اليانغ. وتطبق هذه النظرية على أنسجة الجسم وأعضائه وأجهزته؛ فالأطراف والجذع والجلد تعد من زمرة اليانغ؛ لأنها خارجية تتحرك بقوة بينما تعد الأحشاء الداخلية من زمرة الين. | الشكل (2) |
ـ العناصر الخمسة: من النظريات التي يرتكز عليها الطب التقليدي الصيني نظرية العناصر الخمسة وهي : الماء والتراب والخشب والمعدن والنار. وهي المواد التي يتألف منها العالم المادي. ويعتقد الصينيون أن بين هذه العناصر ترابطاً وصلة، وهي دوماً بحالة حركة وتحول. وتطبق هذه النظرية في الطب الصيني لتصنيف الحوادث الطبيعية في جسم الإنسان وأعضائه وأنسجته وعواطفه، ولتفسير العلاقة بين ما هو فيزيولوجي وما هو باثولوجي في الوسط الداخلي الذي يخضع لقانون التفاعل والتعاون في البناء، كما يخضع لقانون التضاد بين العناصر الخمسة.ـ نظرية الظانك فو: أما تعبير «الظانك فو»، فيعني العناصر التشريحية للأعضاء الداخلية، كما يعني بالوقت نفسه الوظائف الفيزيولوجية لجسم الإنسان بصورة عامة؛ فالقلب والكبد والطحال والرئة والكلية والتامور تؤلف مجموعة تسمى الأعضاء «الظانك الستة»، وظيفتها الفيزيولوجية الرئيسة تصنيع المواد الأساسية واختزانها بما في ذلك الشْيء Q ، أي القدرة الحياتية والدم والسوائل العضوية، أما الأمعاء الدقيقة والمرارة والمعدة والأمعاء الغليظة والمثانة «والصان جياو» (المحارق الثلاثة) أي: الصدر والبطن والحوض فتعرف بمجموعة الأعضاء «الفو الستة» وهي مسؤولة عن استقبال الطعام وهضمه، وتمثل المواد المغذية ونقل الفضلات وطرحها، إضافة إلى عضوين «فو» غَير عاديين هما الدماغ والرحم.ـ نظرية الأقنية والشعب: تقول نظرية الأقنية والشعب بوجود أقنية وشعب على سطح الجسم تصل بين أعضاء «الظانك فو» الداخلية وبين أعضاء القسم السطحي من الجسم كالحواس والمفاصل وغيرها، على نحو تجعل الجسم وحدة متكاملة. تقوم هذه الأقنية والشعب بتوفير جريان القدرة الحياتية والدم وتوزيع الدفء والغذاء على النسج ووصل كامل الجسم، بحيث تكون أعضاء الظانك والفو مع الأطراف الأربعة والجلد والعضلات والأوتار والعظام مجموعة متضامنه ووحدة كاملة. وتستعمل نظرية الأقنية والشعب دليلاً لمعالجة الأمراض في مختلف الاختصاصات، وخاصة الوخز بالإبر والكي بالموكسا. وتبدأ المعالجة بالوخز بالتفتيش أولاً عن القناة المصابة أو عضو الظانك أو الفو، ثم تنتقى النقاط من منطقة الآفه ذاتها أو من المنطقة المجاورة أو البعيدة، ولكن دوماً من القناة نفسها. ولايتم الشفاء إلا عندما ينتظم دوران القدرة الحياتية والدم في الأقنية والشعب.النبض الصيني تهيمن فكرة النبض على الباثولوجية الصينية كلها،لأن النبض هو العنصر الأساسي في موضوع التشخيص، فكل مرض من الأمراض له نبض خاص؛ لذلك يجب على الطبيب أن يجس النبض لمعرفة حالة الأجهزة العميقة. وطقوس الفحص الطبي لاتتبدل أبداً إذ يضع المريض ساعده على وسادة وثيرة، ثم يأتي الطبيب فيجس نبضه، ويغط في تأمل عميق قد يستغرق عدة ساعات يضع في نهايتها تشخيصه، ويصف العلاج حتى دون أن يسأل المريض عن شكايته. وهنالك أكثر من مئتي نوع من النبض، ستة وعشرون منها تنذر بالموت. هكذا تقول موسوعة النبض التي كتبها وانغ تسو هو Wang Chou Ho في القرن الثالث قبل الميلاد.فارماكولوجيا غنية
| |
|