administrator
 
 
 4923
 21/03/2011
 |  موضوع: حديث الوضوء  الجمعة 09 نوفمبر 2012, 10:54 am | |
| بسم اللة الرحمن الرحيم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ .
وعن محمد بن المنكدر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : دُعي إلى طعام ،
فقُرِّب إليه خبز ولحم ، فأكل منه ثم توضأ فصلى ، ثم أُتِي إليه بفضل ذلك
الطعام ، فأكل منه ثم صلى ولم يتوضأ .
وفيه من الفقه أن لا وضوء في مَن
أكل مما مسته النار ، وأما قوله في هذا الحديث(الثاني) فأكل منه ثم توضأ ،
فذلك ، والله أعلم ، إنما كان ذلك لحدث عنده أو للفضل ، فقد كان صلى الله
عليه وسلم يتوضأ في الأغلب من أمره لكل صلاة ، وبذلك على ما ذكرتُ لك ما
ذكر في هذا الحديت "أنه أُتي بفضل ذلك الطعام فأكل منه ثم صلى ولم يتوضأ"
فلو كان وضوءه من أجل الطعام أو لا لكان توضأ آخرا من بقية ذلك الطعام ، إذ
الحكم فيه واحد وهذا ما لا يشك فيه ذو لب ، وفيه أيضا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم لم يكن يتوضأ أحيانا لكل صلاة .
وفيه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل في اليوم مرتين وربما أكتر .
أما حديث : توضؤوا مما مسته النار ، ذهب بعض من تكلم في تفسيره ، أنه عنى
به غسل اليد لأن الوضوء مٱخوذ من الوضاءة ، وهي النظافة ، فكأنه قال :
فنظفوا أيديكم من غمر ما مست النار ، ومن دسم ما مست النار.
وهذا لا
معنى له عند أهل العلم ، ولو كان كما ظن هذا القائل لكان دسم ما لم تمسه
النار وودك ما لم تمسه النار لا يُتَنظْف منه ، ولا تُغسل منه اليد ، وهذا
لا يصح عند ذي لب .
وتأويله هذا يدل على ضعف نظره ، وقلة علمه بما جاء من السلف في هذه المسألة ، والله ٱعلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم : توضؤوا مما مسته النار ، أمرٌ منه بالوضوء المعهود للصلاة لمن أكل طعاما مسته النار .
لكن ذلك عند أكثر العلماء وعند جماعة أيمة الفقهاء منسوخ بأكله صلى الله
عليه وسلم طعاما مسته النار، وصلاته بعد ذلك ، على أن أمرَه بالوضوء مما
مسته النار منسوخ .
لحديث جابر بن عبد الله ، يقول : خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل سعد بن الربيع فأُتينا بخبز ولحم ، فأكل
وأكلنا ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ وأنه ـ أي جابرـ رجع
مع أبي بكر في خلافته بعد المغرب فأتى أهله ، فابتغى عشاء ، فقيل : ما
عندنا عشاء إلا أن هذه الشاة ولدت ، فاحتلب لنا من لبنها (اللِّبأ) ثم طبخ
فأكل وأكلنا ، فقال لي ما قال لك يعني النبي صلى الله عليه سلم قال ، قال
لي : إذا جاءنا مال أعطيناك هكذا وهكذا فحفن لي ثلاث حفنات ، ثم قمنا إلى
الصلاة فصلينا ولم يمس أحد منا ماءً . وكان عمر بن الخطاب ربما صنع لنا في
ولايته الخبز واللحم فأكل وما يتوضأ أحد منا .
أما عمر بن عبد العزيز
لم يرو في هذا الباب غير حديث الوضوء مما مسته النار فذهب إليه ، ولعله كان
وضوءه من ذلك ابتغاء الفضل وهروبا من الخلاف مع شدة احتياطه في الدين .
لقوة الخلاف في هذه المسألة بالمدينة بين علمائها أشبع مالك رحمه الله في
موطئه هذا الباب وشده وقوّاه فذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث
ابن عباس وسويد بن النعمان وهما اسنادان صحيحان ، وذكر فيه عن أبي بكر
وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن العباس وعامر بن ربيعة وأبي طلحة الأنصاري
وجابر بن عبد الله وأُبَي بن كعب : أنهم كانوا لا يتوضؤون مما مست النار .
ومما ذكره مالك في موطئه عن أبي طلحة يدل على أن المنسوخَ أمرُ النبي صلى
الله عليه وسلم ، وكان لا يتوضأ فدل على أنه منسوخ عنده ، لأنه يستحيل أن
يأخذ المنسوخَ ويدع الناسخَ وقد علمه .
ومما يستبين به أن الأمر
بالوضوء مما غيرت النار منسوخ ، أن عبد الله بن عباس شهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أكل لحما وخبزا وصلى ولم يتوضأ ـ ومعلوم أن حفظ ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متأخر ـ وفيما نقلته من التمهيد كفاية .
| |
|
