بنت الاصول
122 01/06/2011 الاوسمه :
| موضوع: هكذا سَحَرْتُ نفسي! مي عباس رسالة الأمرأة الخميس 31 مايو 2012, 2:17 am | |
| هكذا سَحَرْتُ نفسي! مي عباس رسالة الأمرأة
حدثتني قائلة: ثمان سنين هي عمر زواجي ... كما هي عمر تعاستي وإحباطي ، يظن من حولي أنني أرفل في السعادة والنعيم ، ولا يعلم مقدار همي وغمي إلا الذي فطرني. أعوام تمضي هي زهرة شبابي وأنا كمن يحرث في البحر.. ومن تعاقب الإحباط على قلبي استسلمت لليأس ولم أقنع بتفسير لما أنا فيه سوى أن أحد الأشرار قد سحرني، أو أن امرأة خبيثة سوداوية النفس لم تزل تغمرني بحسد يفسد علي حياتي ويقطع الطريق على سعادتي، إنه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]حتما مقرون بالحسد ...هذا هو التفسير الوحيد، وإلا فلماذا يمقتني زوجي ويسعى جاهدًا في البعد كلما حاولت الاقتراب ؟! إنني بشهادته على قدر لا يستهان به من الجمال الأخاذ وقد تجمع في ما تفرق في غيري كما كان يطريني في بداية زواجنا.. ولا أملّ من إعداد ما يشتهيه من الطعام بشكل متقن والحمد لله ، ولا يعني هذا أن اهتمامي محصور في البيت فإنني أصل رحمه وأبر أمه. لقد جاهدت طويلا لأحوز حبه ويضمني قلبه.. ولكنه هناك.. بعيد ..على الشاطئ الآخر.. يعاملني ببرود منقطع النظير ويتحاشى التقاء عيني بعينه ، يغلق أي مناقشة بيننا بسرعة ولا يقربني إلا لماما. لقد ظهرت بوادر هذه التعاسة مبكرًا ومنذ العام الأول على الرغم من شدة تعلقة بي في بداية الأمر وهكذا ظلت الأمور تسوء شيئا فشيئا حتى صارت إلى ما نحن فيه لقد بات من المؤكد أنني كلما اجتهدت في إسعاده كلما ازداد علي حنقا فهل لهذه المعضلة من (حل) أو سبب سوى أنها عمل سفلي رديء؟ هذه كانت قناعتي حتى أراد الرحمن بي خيرا ..وأطلعني على حقيقة هذا العمل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لأتخلص منه وأستأنف حياة زوجية مفعمة بالمودة والتقدير والمشاركة ولأنعم في غضون أيام قليلة بما فشلت في تحقيقه طيلة ثماني سنوات عجاف.. فقد يسر الله لي الحج هذا العام ومنذ بداية الرحلة لفت نظري بقوة زوجان كانا معنا في الفوج ... المرأة تخطت الخمسين بقليل والرجل يكبرها بعدة سنوات ... كانت علامات الصلاح بادية عليهما ، فهما لا يضيعان الوقت في أحاديث تافهة ، وينأيان بنفسيهما عن أية مهاترات أو مناقشات عقيمة في أيام اشتد فيها النهي عن الرفث والفسوق والجدال. لكن ما أخذ بلبي وجدد مواجعي هي تلك الألفة والمودة التي يتبادلانها ..والسعادة البادية عليهما عندما يتحدثان سويا ، هزتني الرقة التي يتعامل بها ذلك الزوج مع رفيقة دربه إنه بلا شك يحبها من أعماق قلبه . "ما شاء الله تبارك الله" ... هكذا ظللت أردد كلما بهرتني علاقتهما ، ودعوت الله أن يصلح حالي مع زوجي ويمن علي بهذه السعادة التي تتضاءل معها الهموم والأحزان ...وقررت أن أنتهز الفرصة للحديث مع هذه السيدة الفاضلة لعلي أعرف سر سعادتها. ولم تواتِ الفرصة طيلة خمسة عشر يومًا قضينا عشرة منها بالمدينة وخمسة بمكة ...كنت بعدها مقنعة تماما أن هذين الزوجين هما الأسعد على وجه الأرض لا سيما أن حبهما في الله. كنت أقرأ القرآن وأبكي على حالي وحال أولادي من كآبة بيتنا وافتقاره للحب والمشاركة، ودعوت الله كثيرًا أن يلهمني رشدي .. لقد كانت مشاهدتي لنموذج محب وسعيد مرآة أبصرت بها معاناتي . وكان يوم النحر.. أعظم يوم عند الله، وهو اليوم الذي فرج الله عني فيه ما أعانيه، لعل الله قبل حجتي واستجاب دعوتي بأن يرزقني بداية جديدة في ديني ودنياي .. وفي ذلكم المخيم المبارك في منى كانت أول فرصة لتبادل الحديث بين نساء حملتنا..كان أول أيام العيد.. وكان الجميع مبتهج رغم التعب، ورأيت تلك السيدة الفاضلة متبسطة تتجاذب أطراف الحديث فاقتربت منها وأقبلت عليها بسمعي وقلبي. ينبغي للمرء ألا يستهين أبدًا بأثر الكلمة فرب موعظة تحول العنيد العتيد صاحب القلب الصخري إلى رجل رقيق بكاء، وربَّ كلمات ترشد حائرًا وتبصر أعمى. - قالت: الحمد لله رب لعالمين ... لقد من الله علي هذا العام بنعمتين جليلتين ، الحج ، وزواج ابنتي الكبرى. قلت: ما شاء الله ، تقبل الله منك ، وألف مبروك ... ترى هل فعلت كتلك الأعرابية الرشيدة وأوصيت ابنتك ليلة عرسها بوصية بليغة ؟ - (حاولت ذلك وإن لم أبلغ مبلغ الأعرابية). وبم أوصيتها ؟ - ردت مبتسمة بسر السعادة الذي صاغته في كلمات قليلة. - كوني له أمة يكن لك عبدا. قلت وعلامات الإحباط على وجهي: اسمحي لي يا سيدتي: إن ذلك شعار خطابي يكذبه الواقع كل يوم ويثبت فشله. - قالت مستعجبة: وكيف ذاك؟ أجبت بانفعال لم أستطع مداراته: ثمة نساء يحرقن أنفسهن شموعا لأجل أزواجهن ويبذلن ما في وسعهن فيقابل الزوج ذلك ببرود ولامبالاة. - قالت : هذا لعمري في القياس عجيب، والله لا يكون ذلك أبدا إلا مع اللئام فإذا كنت يا ابنتي تتحدثين عن اللئيم الخسيس من الرجال فأوافقك بعدم جدوى الوصية معه ... أما عدا ذلك فلا رددتُ بنفس الانفعال: "لا.. بل أتحدث عن رجل كريم متدين". سكتُّ برهة ثم استطردت: "لا تستغربي يا سيدتي ... فقد تكون المرأة مثالية معطاءة ولا تجد المقابل العاطفي .... حتى تلك النصائح عن العناية بنظافة المسكن والجسد والاهتمام بالزينة والطعام وحسن معاملة أهل الزوج... إن نفذتها الزوجة بإتقان وتفان أعوام وأعوام قد لا تجد ما تسعى إليه من مودة زوجها وإقباله وحسن عشرته فما هو تفسيرك وأين صحة وصيتك؟ - قالت: هذه الأمور التي ذكرتها مطلوبة ومهمة، ولكنها ليست الأساس الذي يبنى عليه البيت، وتصمد معه العلاقة الزوجية أمام المتغيرات والصعاب. سألت وقد استولى على قلبي حديثها: فما هو روح العلاقة ومنبع الحب؟. قالت بثقة : التقدير.. أن يشعر كل طرف بأنه مقدر عند الآخر.. ممتن له ومعجب به أن يكون هذا هو الأصل بينهما لا أن يصبح- اللوم هو اللغة السائدة. شعرت بدوار إنها الحقيقة الغائبة أسمعها للمرة الأولى "اللوم .. اللوم". - قالت ببطء: نعم حبيبتي إنها آفة العديد من النساء أنها تلوم زوجها وتشعره دوما بالتقصير ولأقل خطا ..تحب أن تصحح له وتظهر نقصه، وكرد فعل طبيعي يتحاشها الزوج وينفر منها فمن منا يحب المكوث مع من يقلل من شأنه ولا يرى فضله؟ أكملي أرجوكِ. - ماذا أقول لكِ.. إنه شئ مؤسف أن ترى فضلها وتعمى عن أيادي زوجها، إنه كفر العشير في أبشع صوره. فإن فعل خيرا لم تظهر له الامتنان واستكبرت عن ذلك وسيطرت عليها ثقافة ممجوجة تمنع المرء من إظهار حبه أو امتنانه كي لا يذل نفسه. أما إذا وقع الزوج في خطا فهي تضعه تحت المجهر وتعيره به وإن لم تنطق ببنت شفه تكفي نظرة ازدراء واحده ليكرهها أبد الدهر. لم أشعر في حياتي كلها بمثل هذا الشعور الغريب الذي سيطر عليّ عقب تلك الكلمات وكأنني كنت في سبات عميق.. ثم أفقت على ضجة شديدة أذهلتني، بدا شريط الذكريات يتداعى أمام عيني ولكم كنت آسى على نفسي عندما أتذكر أياما من حياتي فقد كنت أرى نفسي مثالية وزوجي لا يقدرني، والآن بدأت أرى الأمور بشكل مختلف. فزوجي جعله الله سببا لهدايتي والتزامي بتعليم ديني وحجابي ومحافظتي على الصلاة.. لكنني لم أمتن له ولم أشكره، ولم أشعر في قرارة نفسي بحسن صنيعه، فضلا عن أن أعبر له عن ذلك، على العكس عندما وقع في ذلة تندرج تحت "اللمم" تتبعت عورته وفضحته بيني وبينه وقرعته وكسرته أمامي، وشعرت بنشوة عجيبة وأنا ألومه وأشكك في تدينه رغم ما كساني من غضب. أما عندما يحضر لي حاجيات المنزل فديدني معه أن أفرزها كي أرى الناقص مها والردئ، إن عبارات الشكر والثناء يضن بها قاموسي. أفقت من تفكيري على يدها الحانية تربت على كتفي قائلة: "اسمعي يا بنتي لقد أباح الإسلام الكذب بين الزوجين لمصلحة بقاء المودة وحسن العشرة ومع ذلك فبعض النساء لا تمدح زوجها بما هو فيه أصلا". ألم تسألي نفسك يوما كيف يحب الرجل قرب امرأة لا ترى مزاياه ومواهبه، وتحب أن تلومه وتتسلط عليه كأنها أم شديدة على طفل مشاغب. ولكنهم يقولون دوما كوني لزوجك كأمه. - "في الحنان يا ابنتي والتعاطف والصبر على المكاره وليس في التربية والتوجيه والعقاب". لم أتمالك نفسي فأجهشت بالبكاء ليس على نفسي هذه المرة بل على زوجي المسكين، لقد اعتمدت أسلوب اللوم طوال عشرتي معه ظنا مني أنني حزت الكمال وتسويلا من نفسي .. لقد اعتقدت دوما أنه لا يحسن التصرف على الرغم من أنه ناجح في عمله وحياته الاجتماعية. فلماذا أتعجب من أنه يفر مني - وأنا التي تشعره بالذنب والفشل دائما- إلى عمله وأهله وأصدقائه حيث يشعر بالاعتزاز والتقدير والثقة؟ كنت أبكي بحرقة على جسد طعنته فأرديته قتيلا ثم اجتهدت في تعطيره وتزيينه وتعجبت منه ألا يفيق! | |
|