administrator
4923 21/03/2011
| موضوع: ثلاثة عشر لغزاً ( اجاثا كرستي) الأحد 29 مايو 2011, 9:42 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصة اخرى من قصص اجاثا كرستي بعنوان ثلاثة عشر لغزاً قراءة ممتعة
نفخ ريموند وست سحابة من الدخان وكرر الكلمات بشئ من السرور الواعي المعتمد : الغاز لم تحل !
نظر حولة راضياً كانت الغرفة قديمة ذات اعمدة سوداء عريضة تمتد تحت سقفها , وقد فرشت بأثاث من النوع الجيد القديم الذي يلائمها , ومن هنا جاءت نظرة الاستحسان فى عينى ريموند وست . كان ريموند وست يمتهن الكتابة , ويحب ان يكون فى أجواء لا يعيبها أوينقص منها شئ .وقد كان بيت خالتةجين ماربل يسره دوماً باعتباره افضل اطار لشخصيتها . نظر إليها حيث تجلس أمام الموقد منتصبة الجذع فى كرسي ضخم وثير:كانت ترتدي ثوباًاسود مقصباً ضيقاً جداً عند الخصر , _فى الجزء الامامي منه _ شريط زركشة متموجاً من كتفيها حتى الخصر , وقفازاً أسودموشحاًوتضع فوق شعرها الثلجي الناعم قبعة سوداء مزركشة أيضاً. وكانت تحوك قطعة من الصوف الناعم الأبيض . أما عيناها الزرقاوان الغائمتان ,الممتائتان رقة ولطفاً,فقد استعرضتا بشئ من السرور ابن اختها وضيوفة . استقرت عيناها أولاً على ريموند نفسه ببهجته وانطلاقه, ثم انتقلتا إلى جويس ليمبرييه الفنانة ذات الشعر الكثيفالأسود والعينين الخضرواتين الغربتين , ثم انتقلت عيناها الى ذلك الرجل المتزين الذي عركته الحياة السير هنرى كليذريغ . وكان فى الغرفة شخصان اخران : الدكتور بيندر , ورجل الدين الكهل , والسيد بيثيريك المحامي , وهورجل ضئيل الجسم , يضع نظارات ينظر من فوقها لا من خلا لها .أولت الانسة ماربل لحظات انتباه قصيرة لكل هؤلاء ثم عادت إلى حياكتها وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة . أطلق السيد بيثريك تلك النحنحة الجافة التى يبدأ بها كلامة دوماً وقال: ماهذا الذي تقولة ياريموند ؟ ألغاز لم تحل ؟هاه ... ماذا عن تلك الألغاز؟ قالت جويس ليمبريية : لاشئ , إن ريمونديحب فقط صوت هذه الكلمات,ويحب سماع نفسه وهو يقولها . رماها ريموند بنظرة يأنيب جعلتها ترمى برأسها إلى الخلف وتضحك , ثم قالت للانسة ماربل: إنه دجال , أليس كذلك ياانسة ماربل ؟أنا واثقة أنك تعلمين ذلك؟ ابتسمت الانسة ماربل بلطف دون الإجابة بشئ. قال الكاهن بتجهم : الحياة نفسها لغز لم يحل . اعتدل ريموند فى جلستهونفض لفافته بحركة مفاجئة وقال:ليس هذا ما أعنية . لم أكن ألقي حكماًفلسفية ,بل كنت أفكر بحقائق واقعية مجردة ملء السمع والبصر .حقائق وقعت ولم يفسرها أحد أبداً.
قالت الانسة ماربل :أعرف ياعزيزي بالضبط أنواع الأمور التى تعنيها .السيد كاروثرز_مثلاً_ تعرضت لتجربة بالغة الغراية بالأمس , فقد اشترت أوقيتين من الروبيان النتقى من محل إليوت, ثم مرت على محلين اخرين , وعندما وصلت ألى البيت وجدت أن الروبيان لم يكن معها .عادت ألى المحلين اللذين مرت بهما , ولكن الروبيان اختفى تماماً .هذا يبدو لي أمراً ملفتاً جداً للنظر. قال السيد كليذريعغ بتجهم : قصة مريبة جداً قالت الانسة ماربل وقد احمرت وجنتاها قليلاًمن الانفعال : توجد طبعا أنواع عديدة من التفسيرات الممكنة لهذا الأمر , أذ ربما كان أحهم مثلاً... قاطعها ريموند وست قائلاً بشئ من السرور: ياخالتى العزيزة ,أنا لم أقصد هذا النوع من الأحدث التى تقع فى القرى , بل كنت أفكر بجرائم القتل والاختفاء ,بمثل تلك الجرائم التي يمكن للسير هنرى ان يحدثنا عنها طوال أن أراد ذلك . قال السير هنرى بتواضع : ولكنى لست ممن يسهبون في الحديث عن مهنهم , أنا لاتحدث عن مهنتى أبداً. كان السير هنرى كليذريغ حتى وقت قريب أحد كبار الضباط فى شرطة سكوتلانديارد. قالت جويس ليمبرييه: أحسب أن كثيراً من جرائم القتل وغيرها لم تجد له الشرطة حلاً أبدأً. قال السيد بيثيريك: تلك حقيقة يعترفون بها كما أظن . قال ريموند وست : غننى أتساءل : ترى أي نوع من الأدمغة هو الذي ينجح حقاً فى كشف الألغاز ؟ فالمرء يشعر دوماً بأن الافتقار غلى الخيال كثيراً ما يعوق رجل الشرطة العادي. قال السير هنرى ببرود : تلك هي وجهة نظر الرجل العادي. علقت جويس مبتسمة : إذاا حتاج المرء علم نفس وخيال فليلجأ غلى الكتاب....... ثم قامت بانحناءة ساخرة لريموند, ولكنه ظل جدياً وقال بتجهم: إن الفن الكتابة يعطى المرء بصيرة تنفد إلى النفس البشرية , وربما رأى المرء عندها دوافع من شأن الرجل العادي أن يغفلها. قالت الانسة ماربل : أعرف ياعزيزي أن كتبك تدل على ذكاء لامع , ولكن هل تعتقد حقاً أن الناس كريهون إلى تلك الدرجة التى تصورها فى كتاباتك؟ _ياخالتى العزيزة ! احتفظى بمعتقداتك لنفسك ,فليس لي أنا أن أفندها لاسمح الله . قالت الانسة ماربل وهي تقطب جبينها قليلاً وتعد الغرزات فى الصوف الذى تحوكه: ماأعنيه هو أن الكثير من الناس لايمكن تصنيفهم بين الصالح والطالح كمايبدو لي , بل يكونون _ببساطة_ سذجاً سخفاء. أصدر السيد بيثريك نحنحه الجافة ثانية وقال: ألاترى ياريموند أنك تولى أهمية كبيرة للخيال؟ إن الخيال صفة خطيرة جداً كما نعرف نحن المحامون حق المعرفة . إن القدرة على غربلة الأدلة بموضوعية وأخد الحقائق والنظر إليها كحقائق هو مايبدو لي الطريقة المنطقية والوحيدة للوصول إلى الحقيقة .ويمكن أن أضيف _من واقع خبرتي_ أنها أيضاً الطريقة الوحيدة الناجحة . صاحت جويس وهي تقدف برأسها إلى الخلف بسخط :ياه ! ألااهن على أن بوسعى أن أغلبكم جميعاً فى هذه اللعبة , فأنا لست امرأة فقط ( ولكم ان تقولوا ما تشاؤون ولكم للمرأة حدساً لايملكه الرجل) بل إننى فنانة أيضاً . أناأرى أشياء لاترونها أنتم , كما أننى _بحكم عملي كفنانة _ خبرت كل أنواع الناس وظروفهم . إننى أعرف الحياة بشكل لايمكن للانسة الحبيبة ماربل أن تعرفه وهي تعيش فى هذه القرية الصغيرة . قالت الانسة ماربل : ربما كنت على حق ياعزيزتي , ولكن أموراً شديدة الإيلام والإزعاج تحدث فى القرى أحياناً. ابتسم السيد بيندر وقال : أيمكن لي أن أتكلم ؟ أعلم أن سمة هذه الأيام هي التصغير من شأن رجال الدين , ولكننا نسمع أشياء ونعرف جانباً من الشخصية الإنسانية يشكل كتاباً مبهماً للاخرين. قالت جويس : حسناً ,يبدو لي أننا نشكل تجمعاً واسع التمثيل . ماذا لوشكلنا منتدى ؟ ماهو اليوم ........الثلاثاء ؟ سوف نسميه" منتدى الثلاثاء" . سنلتقى كل أسبوع , ويطرح كل عضو منا مشكلة بدوره ........ لغزاً يكون قد عرفه شخصياً وعرف حله بالطبع .لنر... كم عددنا نحن ؟ واحدد, اثنان ,ثلاثة , أربعة , خمسة . ينبغى لنا أن نكون ستة . قالت الانسة ماربل بابتسامة عريضة: لقد نسيتنى ياعزيزتى. فوجئت جويس قليلاً لكنها أخفت ذلك بسرعة وقالت :سيكون ذلك رائعاً ياانسة ماربل ,لم يخطر لي انك مهتمة باللعبة . قالت الانسة ماربل : أظنها ستكون ممتعة جداً , خاصة بحضور العديدمن السادة الأذكياء كهؤلاء . أخشى أن لاأكون ذكية شخصياً , ولكن العيش طوال هذه السنين فى قرية سينت ميري ميد يعطى المرء بصيرة نافذة بالطبيعة الإنسانية . قال السير هنرى بلباقة : انا واثق أن مساهمتك ستكون قيمة جداً. سألت جويس : من الذي سيبدأ؟ قال السيد بيندر: لا أظننا سنختلف فى ذلك ,فعندما نحظى بهذا الحظ العظيم فى وجود رجل بارز بيننا مثل السير هنرى ...... ترك جملته دون إنهائها وانحنى بلباقة باتجاه السير هنرى .بقى السير هنرى ساكتاً للحظات ,ثم تنهد أخيراً وأعاد شبك ساقية وبدأ حديثة : من الصعب قليلاً عليّ اختيار ذلك النوع تحديداً من الألغاز التى تريدونها , ولكن أظن أننى أعرف حالة تناسب هذه الموصفات بشكل رائع . ربما كنتم قدرر أيتم ذكراً لتلك القضية فى الصحف قبل عام مضى , وقد تم فى حينها حفظ القضية بااعتبارها لغزاً لم يحل ,ولكن الحل وقع بين يدي فى الحقيقة قبل عدة أيام . إن الحقائق القضية بسيطة جداً : ثلاثة أشخاص يجلسون لتناول عشاء يحتوى على جراد البحر المعلب . وفى وقت لاحق من تلك الليلة يقع ثلاثة مرضى , ويتم استدعاء الطبيب على وجه السرعة .يشفى اثنان من ثلاثة ويموت الثالث . أطلق ريموند آهة استحسان فيما مضى السير هنرى قائلاً : وكما قلت فإن الحقائق بصيغتها تلك كانت بسيطة جداً .فقد عزيت الوفاة غلى تسميم الغدائي وأصدرت شهادة بهذا المعنى , وتم دفن الضحية حسب الأصول .ولكن الأموار لم تقف عند هذالحد . أومأت الانسة ماربلبرأسها تفهماً وقالت : انتشرت أقاويل كما أظن , فهي عادة ماتنتشر. مضى السير هنرى قائلاً : والآن عليّ أن أصف شخصيات هذه المأساة . سوف اسمى الزوج وزوجته السيد والسيدة جونز , ومرافقة الزوجة الآنسة كلارك . كان السيد جونز بائعاً جوالاً كثير السفر لشركة تصنع الأدوية , وكان رجلاً وسيماً بطريقة مظهرية خشنة , فى نحو الخمسين من عمره . وكانت زوجته امرأة عادية تقريباً فى نحو الخامسة والأربعين من عمرها. أما مرافقة, الآنسة كلارك , فقد كانت امرأة فى الستين من عمرها , بدينة ظاهرة البهجة ذات وجه محمر دائم الابتسام . بوسعكم القول إن أياً منهم لم يكن شخصية بالغة الأهمية . وقد بدأت المتاعب بطريقة غريبة جداً . كان السيد جونز مقيماًفى الليلة التى سبقت الحادثة فى فندق صغير فى مدينة بيرمنغهام , وصدف أن كان الورق انشاف المستخدم لتنشيف الحبر قد وضع فى آلة التنشيف حديثاً فى ذلك اليوم , وحدث أن خادمة الغرف لم تجد يومها شيئاً تفعله أفضل من التسلى بدراسة ماهو منطبع على ورقة النشاف أمام المرآة بعد أن كان السيد جونز يكتب رسالة هناك . بعدأيام من ذلك ذكرت الصحف خبر وفاة السيدة جونز عقب تناولها جراد البحر المعلب , وعندها قامت خادمة الغرف بالإفصاء لزملائها الخدم بالكلمات التى فكت رموزها على ورقة النشاف . وكانت الكلمات كالتالى" معتمد تماماً على زوجتى ...... عندما تموت ..... المئات والألوف"
ولعلكم تذكرون ان قضية قد شاعت مؤخراً عن رجل سم زوجته . وهكذا لم يتطلب الأمر الكثير حتى يلتهب خيال اولئك الخدم ,فقيل إن السيد جونز قد خطط لقتل زوجتة ليرث المئات والألوف من الجنيهات ! وحدث أن إحدى الخادمات كان لها أقرباء فى البلدة التى كان يعيش فيها جونز ,فكتبت لهم وكتبوا لها بالمقابل . ويبدو أن السيد جونز كان مهتماً كثيراً بابنة طبيب البلدة , وهى شابة جميلة فى الثالثة والثلاثين من عمرها........ وهكذا بدأت همهمات الفضيحة .وتم تقديم عريضة لوزارة الداخلية للتحقيق فى الأمر , وتلقت إدارة سكوتلانديارد سيلاً من الرسائل المغفلة من التوقيع وكلها تتهم السيد جونز بقتل زوجته. يمكننى القول إننا لم نعتقد للحظة واحدة بوجود شئ في المر باستثناء أقاويل أهل القرية وثرثرتهم , ومع ذلك فقد صدر أمر باستخرج الجثة . وكانت القضية واحدة من تلك القضايا التى تلفها الأساطير الشعبية التى لاتعتمد على أي أساس واتى ثبت _مع ذلك_ أنها مبررة كل التبرير ,فنتيجة للتشريح تم العثور على كمية وافرة من الزنيخ أصبح واضحاً معها أن المتوفاة قد ماتت نتيجة تسمم المتعمد . وكان على سكوتلانديارد أن تثبت _بالتعاون مع السلطات المحلية _ كيف تم دس الزرنيخ ومن الذي دسه. صاحت جويس : آه ! هذا ماأحبه ............ أنها الجرائم الحقيقية ! أكمل السير هنرى : حامت الشكوك طبعا ً حول الزوج , إذ كان المستفيد من موت زوجته . ليس إلى حد مئات الألوف التى تخيلتها خادمة الفندق برومانسية بالغة , ولكن بمبلغ محترم يبلغ ثمانية الآف جنية . لم تكن له أموال خاصة غير مايكسبه بعملع, وكان رجلاً ذا عادات لا تخلو من إسراف ,مع ميل لمجتمع النساء . حققنا بكل عناية ممكنة فى إشاعات ارتباطه بابنة الطبيب . ورغم أنه بدا واضحاً أن صداقة قوية كانت تجمع بين الاثنين فى يوم ما, إلا أن انفصالا ً مفاجئاً جداً قد حدث قبل شهرين من ذلك , ويبدوأن أياً منهما لم ير الآخر منذ ذلك الحين .أما الطبيب نفسه _كهل من النوع المستقيم البريء_ فقد ذهل لنتيجة التشريح .كان قد استدعى فى منتصف الليل تقريباً لفحص ثلاثة فوجدهم جميعاً فى حالة سيئة , وقد أدرك فوراً الحالة الخطيرة للسيدة جونز , وأرسل إلى المستودع الذي يحتفظ فيه بالأدوية من يحضر له بعض حبوب الأفيون بغية تخفيف الألم .ولقد توفيت المرأة رغم كل الجهود , ولكنه لم يشك لحظة واحدة بأن فى المر شيئاً كان مقتنعاً أن وفاتها كانت بسب نوع من اتسمم الناشئ عن سوء حفظ المعلبات . كان العشاء فى تلك الليلة يتالف من جراد البحر المعلب والسلطة وحلوى الترايفل والخبز والجبن ,ولسوء الحظ لم يتبق شئ من جراد البحر ,فقد تم أكله كله ورمى العلبة .وقد حقق الطبيب مع الخادمة الشابة غلاديس (وكانت فى غاية القلق والانزعاج تنكى بانفعال ) ووجد صعوبة في حملها على التركيز على الموضوع , ولكنها أكدت مراراً وتكراراً أم علبة جراد البحر لم تكن منتفخة أبداً , زان الجراد بدا لها بحالة جيدة تماماً. كانت هذه هي الحقائق التى تعين علينا الانطلاق منها .أن كان جونز قد دس الزرنيخ بافع إجرامى فقد بدا واضحاً أن السم لم يوضع في أي من الأطعمة التى تم تناولها على العشاء ,باعتبار أن الثلاثة قد شاركوا فى تناول الوجبة . كما أنه كان علينا لأن نلاحظ أمراً آخر مهماص وهو أن جونز نفسه لم يعد من بيرمنغهام إلا عندما كان الطعام العشاء يؤتى به إلى المائدة , بحيث أنه لم يكن ليجد فرصة للعبث بأي نوع من الأطعمة مسبقاً سألت جويس : وماذا عن مرافقة الزوجة ؟ البدينة ذات الوجه البشوش؟ أومأالسير هنرىبرأسه وقال: أوكد لك أننا لم نتجاهل الموضوع الآنسة كلارك .ولكن بدالنا أن من المشكوك فيه أن يكون لها دافع للجريمة وإذ لمتترك لها السيدة جونز أي حصة من الإرث , ولم تستفد من وفاة مخدومتها إلا عناء البحث عن عمل جديد. قالت جويس متأملة : يبدو أن هذا يبرئ ساحتها . أكمل السير هنرى قائلاً: ولكن سرعان مااكتشف أحد المفتشين العاملين معى حقيقة مهمة .فبعد العشاء فى تلك الليلة نزل السيد جونز إلى المطبخ وطلب طبقاً من مزيج دقيق الذرة لزوجته التى اشتكت من أنها ليست على مايرام. وقد انتظر فى المطبخ حتى انتهت غلاديس من إعداد المزيج , ثم حمله وصعد بنفسه إلى غرفة زوجته . وأعترف أن ذلك بدا لنا حلاً للقضية . اومأ المحامي براسه وقال وهو يعدد على أصابعه : الدافع والفرصة .فبصقته بائعاً جوالاً لشركة أدوية يمكنه الوصول بسهولة إلى السم . وأضاف القس: وهو _ فوق ذلك_ رجل ضعيف الوزاع الخلقي. كان ريموند وست يحدق إلى السير هنرى ثم مالبث ان قال: توجد ثغرة فى مكان ما .....لماذا لم تعتقلوا الرجل؟ ابتسم السير هنرى بشئ من خيبة الأمل وقال : ذلك الجزء المؤسف في القضية .كان كل شئ قد سار حتى الآن بشكل سلس , وهانحن نصل الآن إلى العقبات المفاجئة . لم يتم القبض على جونز لأن الانسة كلارك إخبرتنا عند التحقيق معها بأن السيدة جونز لم تأكل شيئاً من طبق مزيج دقيق الذرة , بل هي التى أكلته ,اي كلارك نفسها . نعم ,يبدو أنها ذهبت إلى غرفة السيدة جونز كما هي عادتها , وكانت السيدة جونز جالسة فى سريرها وإلى جانبها الطبق, وقد قالت" لا أشعر أننى على مايرام ياميلي , وهذا عقاب أستحقه إذ أكلت جراد البحر ليلاً . لقد طلبت من البرات أن يجلب لي بعضاً من مزيج دقيق الذرة , ولكنني_ وقد جئ به إلى الآن_ لاأشعر بأننى أشتهيه" وقد علقت الآنسة كلارك قائلة : أمر مؤسف ,خاصة وأنه محضر بشكل جيد أيضاً وليست به كتل. وإن غلاديس طباخة رائعة حقاً .قليل من الفتيات من يستطعن تحضير مزيج دقيق الذرة بشكل جيد فى ايامنا هذه , وإننى أعلن أننى أشتهيه شخصياً ,فأنا جائعة" وعندها أجابتها السيدة جونز : أظنك فعلاً جائعة نتيجة وساوسك الغبية . توقف السير هنرى ليعلق قائلاً : لابد لي من أن أوضح أن الانسة كلارك _وقد أقلقتها الزيادة فى سمنتها _ كانت تتبع نظام حمية .وهذا هو مااعنته السيدة جونز بالوساوس , فقد قالت لها : هذاليس جيدا بالنسبة لك ميلي ,ليس جي بالفعل .إن كان الله قد خلقك سمينة فهذا يعنى أنه أراد لك أن تكونى سمينة .كلي هذا المزيج فسوف يفيدك كثيراً وهكذا شرعت الانسة كلارك فى أكل المزيج ...... وأكلته كله بالفعل ,ةبذلك فإن قضيتنا ضد السيد جونز قد تهافتت تماماً . وعندما طلب منه تفسيراً للكلمات التى كانت على ورقة النشاف اعطى تفسيراً فورياً جاهزاً , إذقال إن الرسالة كانت جواباً على رسالة كتبها إليه أخوه فى استراليا يطلب مالاً , وقد كتب لأخيه مشيراً إلى أنه معتمد كلياً على زوجته , وعندما تموت زوجته فإنه سيكون مسؤولاً عن المال وسيساعدأخاه إن أمكنه ذلك . وقد أعرب عن أسفه لعدم قدرته على مساعدة , ولكنه أشار إلى أن فى العالم المئات والألوف من الناس ممن يعانون من نفس تلك الظروف المؤسفة . قال الدكتور بيندر: وهكذا انهارت القضية . أجابه السير هنرى وهكذا انهارت القضية , فلم نستطيع المجازفة باعتقال جونز دون وجود مايمكن الاعتماد عليه.
ساد بعض الصمت ,ثم قالت جويس: وهذا هى القصة كلها ,أليس كذلك؟ قال السير هنرى : هذه هى القضية كما ظلت دون حل طوال العام الماضى .أماالحل الحقيقي فهو فى أيدي الشرطة سكوتلانديارد الآن , وربما قرأتم عنه فى الصحف فى غضون يومين أوثلاثة . قالت جويس بتأمل : الحل الحقيقي....... أمر محير .دعونا نفكر جميعاً لخمس دقائق ثم نعود للكلام. أومأ ريموند وست برلأسه ونظر إلى ساعته ليبدأ التوقيت , وعندما انتهت الدقائق الخمس التفت إلى الدكتور بيندروقال: أتبدأ فى الكلام ؟ هز العجوز رأسه وقال : أعترف بأننى حائر تماماً. لا أملك إلا أن أشعر بأن الزوج هو الطرف المذنب ,ولكنني لا أستطيع تصور الطريقة التي اتبعها للقيام بذلك . كل مايمكنني قوله هو أنه دس لها السم دون شك بطريقة ما, مع أنني لاأستطيع تخيل الكيفية التى امكن من خلالها اكتشاف تلك الطريقة بعد مرور كل هذا الوقت. _جويس؟ قالت جويس جازمة: إنها المرافقة ,المرافقة بالتأكيد ! كيف لنا أن نعرف أي دافع كان يدفعها ؟ إن كونها عجوزاً وسمينة وبشعة لا يعني أنها لم تكن تحب جونز شخصياً . وربما كلنت تكره الزوجة لسبب آخر مختلف .فكروا فى مهنةالمرافقة ....... إن عليها دوماً أن تكون مسلية وأن تبدي الموافقة وتكتم مشاعرها وتكبح رغباتها . وفي يوم مالم تعد قادرة على على تحمل ذلك, وعندها قتلتها . وربما كانت قد وضعت السم فى ذلك الطبق , وربما كانت كل تلك القصة عن تناولها لمزيج دقيق الذرة كذباً. _السيد بيثريك؟ وضع المحامي رؤوس أصابعه بعضها مقابل بعض بشكل يدل على الاحتراف وقال : لا أكاد أستطيع الإدلاء برأي , لاأكاد أستطيع ذلك بالاعتماد على هذه الحقائق . قالت جويس معترضة: ولكن لا بد لك من إبداء رأي. لا يمكنك أن تحتفظ بحكمك وتقول "دون إضراربأحد " وتمثل علينا دور القانوني .لابد أن تلعب اللعبة . قال السيد بيثيريكمسايراً: وفقاً لهذه الحقائق لا يبدو لي مايمكن أن يقال . إن رأيي الشخصي _وقد خبرت مع الأسف كثيراً من هذه القضايا_أن الزوج هو امذنب . ويبدو أن التفسير الوحيد الذي يمكن أن يغطي كافة الحقائق هو أن الانسة كلارك قد تسترت على الزوج لسبب أو لآخر .ربما كلن بينهما ترتيب مالي ما. ربما أدرك بأنه سيكون موضع شبهة , وربما وافقت هي_وهي لاترى أمامها إلا مستقبل الفقر_ على الإدلاء بقصة تناولها للمزيج مقابل مبلغ كبير من المال يدفع لها سراً. فإن كانت تلك هي الحال فهي حال شاذة جداً بالطبع , حال شاذة حقاً. قال ريموند : أنا اختلف معكم جميعاً . لقد نسيتم العامل الأهم فى هذه القضية ,ابنة الطبيب .سأخبركم بتحليلي للقضية .لقد كان جراد البحر المعلب فاسداً, وهذا يفسر أعراض التسمم . وقد أرسل فى طلب الطبيب فوجد السيدة جونز تعانى من ألم عظيم لأنها أكلت من الجراد أكثر من الآخرين , وبعث _كما أخبرتنا ياسير هنرى _ فى طلب حبوب أفيون .لم يذهب بنفسه ,بل أرسل فى طلبها .من الذي سيعطي الرسول حبوب أفيون ؟ابنته كما واضح .إنها تحب جونز , وفى تلك اللحظة تنشط فى نفسها كل الغرائز السيئة وتدرك أن فى يدها وسيلة تحريره .وهكذا فإن الحبوب التي أرسلتها تحتوي على الزرنيخ الأبيض الصرف .هذا هو تصوري لحل القضية . قالت جويس بلهفة: والآن أخبرنا بالحل ياسير هنرى . ولكن السير هنرى ردقائلاً: انتظري لحظة , فالآنسة ماربل لم تتكام بعد. كانت الآنسة ماربل تهز رأسها بأسى , ثم قالت : ياإلهي ! لقد أغفلت غرزة أخرى من الصوف , فقد كنت منسجمة جداً مع هذه القصة . إنها قضية محزنة , محزنة جداً . إنها تذكرني بالعجوز السيد هارغريفز الذي يعيش في أعلى المرتفع هناك. لم تراود زوجته أية شكوك أبداً حتى توفي تاركاً كل أمواله لامراة كان يعيش معها وله منها خمسة أولاد .كانت المرأة خادمة عندهم في وقت من الاوقات ، وكانت السيدة هارغريفز تصفها دوماً بأنها فتاة رائعة ,يعتمد عليها كثيراً فى قلب الفراشات كل يوم وتنظيف ماتحتها , باستثناء أيام العطلات طبعاً.وكان السيد هارغريفز قد أسكن تلك المرأة فى بيتفى البلدة المجاورة واستمر فى منصبه كأحد رعاة الكنيسة مؤدياً كل طقوسها . قال ريموند بنفاد صبر: ياخالتي العزيزة جين, ماعلاقة هارغريفز الذي شبع موتاًبالقضية ؟ ردت الاتسة مارل : لقد جعلتني هذهالقصة أفكر فيه فوراً, فالحقائق متشابهة كثيراً ,أليس كذلك؟ أحسب أن الفتاة المسكينة قد اعترفت الآن , وهذا ما جعلكم تعرفون ياسير هنرى . سال ريموند وست: أي فتاة؟ ياخالتي العزيزة ,مالذي تتكلمين عنه؟ _عن تلك الفتاة المسكينة ,غلاديس, التى انفعلت كثيراً عندما تكلم معها الدكتور , وحق لها أن تنفعل .... المسكينة ! أرجوأن يشنق ذلك الشرير جونز , وقد جعل من تلك الفتاة المسكينة قاتلة . أحسب أنهم سيشنقونها هي الأخرى ........ مسكينة . قال السيد بيثيريك: أظن أنك أسأت فهم الموضوع قليلاً يالنسة ماربل . ولكن الانسة ماربل هزت رأسها بعناد والتفت إلى السير هنرى قائلة : إنني على صواب , أليس كذلك؟بدت القضية واضحة تماماً بالنسبة لي. ألا تعلمون أننا نسمي تلك الحبيبات الملونة التى نزين بها الحلوى "المئات والألوف" ؟ أضيفوا إلى هذا مسألة الترايفل على العشاء . لا يمكن للمرء إغفال ذلك. صاح ريموند: ماذا بشأن المئات والألوف والترايفل؟ _إن الخدم عادة مايضعون تلك الحبيبات التى نسميها "المئات والألوف" على حلوى الترايفل ياعزيزي ,تلك الحبيبات الملونة من السكر .عندما سمعت أنهم تناولوا الترايفل على العشاء , وأن الزوج كان يكتب لشخص ما عن المئات والألوف فإنني ربطت بين الأمرين بلطبع .هناك كان الزرنيخ ....... فى تلك الحبيبات .تركها مع الفتاة وطلب منها أن تضعها على الترايفل. قالت جويس بسرعة : ولكن ذلك مستحيل , فقد أكلوا جميعاً من الترايفل. قالت الانسة ماربل :آه ,لا . لقد كانت المرفقة تتبع نظام حمية إن كنت تذكرين , والمرء لايأكل حلوى الترايفل عندما يتبع نظام الحمية . وأظن أن جونز اكتفى بكشط تلك الحبيبات عن حصته من الحلوى وتركها فى طرف طبقه .كانت فكرة ذكية , ولكنها فكرة شريرة جداً أيضاً. تسمرت أعين الباقين على السير هنرى فقال بتمهل: أمر غريب جداً, ولكن الانسة ماربل صدف أن اصابت كبد الحقيقة . لقد ورط جونز غلاديس, وكانت يائسة تقريباً. أراد إزاحة زوجته عن الطريق, وقد وعد غلاديس بأن يتزوجها عندما تموت زوجته .سم حبيبات السكر وأعطاها لها مع تعليمات حول كيفية استخدمها . لقد ماتت غلاديس قبل أيبوع , وقد مات مولودها عند الولادة وهجرها جونز ليذهب إلى امرأة أخرى . عندما كانت تحتضر اعترفت بالحقيقة . ساد الصمت لبضع لحظات ثم قال ريموند : حسناً ياخالة جين , هذه واحدة لصالحك .لاأعرف كيف تمكنت من الوصول إلي الحقيقة ,فما كنت لأفكر بالخادمة الصغيرة باعتبارها متورطة فى الجريمة ! قالت الانسة ماربل : صحيح ياعزيزي ، ولكنك لاتعرف من الحياة بقدر ماأعرف. إنرجلاًمن شاكلة جونز هذا يكون قاسياً وذا نزوات .فور سماعي أنفتاة جميلة كانت فى البيت شعرت بالثقة بأنه لايمكن أنيتركها لشأنها .الأمر كله مؤلم مزعج . وليس الكلام عنه بالشئ المريح.لايمكنني أنأصف لك الصدمة التى تعرضت لها السيدة هارغريفز واللغط العظيم الذي أثاره ذلك فى القرية | |
|