بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ما إن تحس الفتاة أنها بدأت تتقدم في العمر ولا زالت في بيت أهلها ولم تنتقل بعد من خانة " الآنسات" إلى خانة " السيدات " حتى تتساءل في قرارة نفسها او تسأل غيرها :
هل الزواج محض رزق من الله تعالى أم أن للإنسان يدا في حدوثه ؟
هل يتم باختيار الإنسان أم أنه قدر من عند الله تعالى لا دخل للإنسان فيه ؟؟؟
اعلمي
أختي الكريمة أن الله تعالى خلق الإنسان مختارا فيما يتعلق بالإيمان
والكفر والطاعة والمعصية، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وهناك من يطيع
الله تعالى رغم قدرته على معصيته ومخالفة أمره ، وهناك من يعصي الله تعالى
وتطيعه جوارحه في ذلك بتسخير الله تعالى لها لخدمة الإنسان وعدم التمرد
عليه حتى وان استعملها فيما لا يرضي الله عز وجل .
أما بالنسبة
للأمور الخاصة بالإنسان من ميلاد وموت ورزق وأهل ومرض ومصائب أعاذنا الله
منها فلا دخل للإنسان فيها إنما هي أقدار مكتوبة في الأزل لا يملك الإنسان
أن يدفعها او يقدمها او يؤخرها .
والزواج هو رزق من الله تعالى
كالمال والولد والزرع والعلم والمواهب المختلفة إلى غير ذلك من الأرزاق
التي كلها تصل للإنسان بمشيئة الله تعالى وحده فإن شاء أعطى وإن شاء منع
وعين منعه عطاء فإن منع عنا رزقا ما فقد أعطانا أمانا من ضرر قد يصاحب ذلك
الرزق سواء في الدنيا أو في الآخرة فإنما الحياة الدنيا دار ابتلاء وفتن
فالحمد لله على عطائه وله الحمد على منعه والخير فيما اختاره سبحانه .
قد تقول إحداكن :
لكن الله تعالى قد حثنا على السعي إلى الكسب وتحصيل الرزق وأمرنا بأخذ الأسباب والعمل بها إذن للإنسان دخل فيه
وسأجيبها :
صحيح أن الله تعالى قد أمرنا بأخذ الأسباب المعينة بفضله على تحصيل الرزق ولكن
الأسباب نفسها هي بتقدير الله عز وجل وتسخيرها وتيسيرها لنا
فإن
كتب في الأزل أنك ستحصلين على مبلغ كذا من المال في الوقت كذا فسترين كيف
أن أمورك ستتيسر وخطواتك ستتابع في سبيل تحصيل ذلك المال وفي أحيان كثيرة
قد تحصلين عليه بدون جهد يذكر .
وبما أنني قلت آنفا أن الزواج وما يتبعه من تكوين الأسرة وإنجاب الأطفال رزق من الله تعالى لك (
وأرجو أن يترسخ هذا الأمر في عقلك ووجدانك لأنه من صلب عقيدتنا نحن
المسلمين أن الرازق هو الله تعالى وكل شيء عنده بمقدار وإليه يرجع الأمر
كله فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) فأسرد لك فيما يلي الأسباب التي يسرها الله لنا من أجل الزواج والذي أرجو أن يكون زواجا يرضي الله تعالى عنا ولا يبعدنا عنه :
النية الصادقة والهدف من الزواج :
عليك
أختي الطيبة أن تحسني نيتك وتصدقي فيها حتى يتمم الله لك مرادك ويرزقك
بالزوج الطيب الذي تقر به عينك، فلتكن نيتك أنك تريدين الزواج من أجل إعفاف
نفسك وإعفاف زوجك والبعد عن الفتنة وإنجاب ذرية صالحة تربينها على طاعة
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتكوين بيت مسلم يسير على منهج الله تعالى
ليسود في بيتك الوئام والمودة والسكينة ، وكوني صادقة في أنك تريدين
الإستمرار في حياتك الزوجية والحفاظ عليها والاستقرار فيها دونما طمع او
اعتبارات مادية فالله عليم بنيتك وإنما الأعمال بالنيات ولكل إمرئ ما نوى ،
فليس المهم أن تتزوجي لكن الأهم أن يستمر هذا الزواج على أسس متينة.
تقوى الله عز وجل في كل حال :
لقد
وعد الله سبحانه وتعالى عباده المتقين أن يجعل لهم مخرجا ويرزقهم من حيث
لا يحتسبوا وييسر أمورهم . فاتقي الله سبحانه وتعالى في نفسك وفي تعاملاتك
فلا تتبرجي وتتعطري خارج البيت ظنا منك ان هذا سبب في إعجاب الرجال بك فما
عند الله تعالى لا ينال بمعصيته حتى وان رأيت غيرك من السافرات المتبرجات
قد تزوجن فلا يغرنك ذلك فأولا أسأل الله تعالى أن يهدين ويردهن اليه ردا
جميلا أما ثانيا فأنت إن شاء الله تعالى تريدين زواجا يرضى به الله عنك لا
زواجا يكون سببا في سخطه عليك والعياذ بالله فمهما مرت السنون فمردنا الى
الله تعالى ولن ينفعك زوجك ولا اولادك ان كنت عاصية لله مخالفة لأمره .
فالحذر الحذر أختي الكريمة واتقي الله وارضه يرضيك في الدنيا والآخرة انه
جواد كريم .
الإكثار من الدعاء وتحري أوقات الإجابة:
أكثري
من الدعاء أختي الكريمة بقلب متوكل على الله تعالى موقن بالإجابة وألحي في
الدعاء ولا تملي وتحري أوقات الإجابة كالسفر ووقت نزول المطر والثلث الآخر
من الليل وأثناء الصيام والدعاء بين الآذان والإقامة....ولا تنسي أن تدعي
لأخواتك المسلمات بظهر الغيب حتى يدعو لك الملك الموكل بمثل ما دعوت .
كثرة الإستغفار:
استغفري الله تعالى كلما استطعت فالإستغفار سبب بفضل الله تعالى في الرزق والحصول على الأموال والبنين
" فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا (10) يرسل السماء عليكم مدرارا (11) ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا "
ارقي نفسك بالقرآن والأدعية المأثورة :
قد
تكونين مصابة بحسد أو عين ( وطبعا لا يؤثر ذلك إلا أن يشاء الله سبحانه )
ولذلك لا تهملي قراءة أذكار الصباح والمساء، قراءة الإخلاص والمعوذتين
والبقرة ، تشغيل سورة البقرة في البيت بشكل منتظم ، القيام بحفظها إن أمكن
ذلك فأخذها بركة وتركها حسرة .
بر الوالدين وصلة الرحم والتعامل مع الناس بأخلاق حسنة :
إن
كان والداك أو أحدهما على قيد الحياة فاحرصي على برهما وإرضائهما فيما
يرضي الله تعالى واطلبي منهما أن يدعوا لك بالزوج الصالح فدعاء الوالدين
مستجاب ان شاء الله تعالى ، وكذلك لا تهملي صلة رحمك وزيارة أهلك وحتى
صديقاتك ومعارفك وعامليهم برفق وإحسان وطيبة وقومي بتلبية دعواتهم
لمناسباتهم وشاركيهم أوقات فرحهم وحزنهم وتواضعي أمامهم ولا تنظري إليهم
بعين ازدراء واحتقار لتكسبي سمعة طيبة حسنة في أوساط أهلك ومعارفك وأقربائك
وهذا ما يبحث عنه غالبية من الرجال وقد تراك قريبة لأحدهم في إحدى
المناسبات وتعحب بتعاملك وطيبك وتقترحك لديه .والأهم من ذلك جعل معاملتك
الحسنة مع الناس خالصة لوجهه تعالى ليثيبك عليها في الدنيا والآخرة .
الاهتمام بالصحة والمظهر الخارجي:
إن
كنت نحيفة جدا فحاولي التعرف على كل ما بوسعه أن يزيد في وزنك بشكل صحي
وآمن وعلى النقيض من ذلك إن كنت سمينة بدينة فحاولي اتباع نظام غذائي
متوازن والإكثار من الحركة المفيدة للجسم والبحث عن الوسائل حتى الطبيعية
والتقليدية منها لإنقاص الوزن وإذابة الشحم ما لم يثبت لها ضرر أو تأثير
سلبي، وكذا لا تهملي الاعتناء بجمال بشرتك والتخلص من عيوبها كالهالات
السوداء والبثور وحب الشباب والبقع الداكنة و شحوب لون الوجه، بالإضافة إلى
العناية بشعرك ونظافة جسمك، فمظهرك وشكلك الخارجي حافز قوي لاقتراحك من
قبل محيطك لراغبي الزواج من الجنس الآخر .
تنازلي عن بعض الشروط التي قد تكون تعجيزية لدى البعض وعائقة أمامهم :
فما
المانع من قبول رجل مطلق او أرمل بأولاد أو بدون إذا توفرت فيه الصفات
الحسنة من أخلاق طيبة وسلوك قويم وقدرة مادية معقولة. بل ما المانع من قبول
رجل متزوج إن كان لديك استعداد نفسي لذلك شريطة أن يلتزم بالعدل بينك وبين
زوجته الأخرى. وفي جانب آخر ، إن كنت مقتدرة ماديا فأبدي استعدادا للتعاون
مع شريك حياتك المستقلبي في المسائل المادية ومساعدته ان احتاج لذلك ان
كان معروفا بشهامته وأخلاقه . ولا تخافي من أن يغدر بك فالله تعالى سيكافئك
ويجازيك على صنيعك ويطرح محبتك في قلبه ويقدرك أكثر ان شاء الله ربنا .
لا
تدققي كثيرا في مسألة عمر زوجك المستقبلي وتضيقي مجال القبول فالعمر ليس
معيارا لنضج الرجل او عدمه او التفاهم معه او العكس فان كان أكبر منك بعدد
سنين لكنه رجل طيب خلوق مسؤول فلا ضير ، وان كان أصغر منك بعدد مناسب من
السنين فلا ضير أيضا ان لم يكن لديك مانع نفسي او اجتماعي كرفض أهلك القاطع
لمن هو أصغر منك سنا ولو بسنة او سنتين.
لا تتردي في اقتراح عروس مناسبة لأحد الأشخاص إن طلب منك ذلك :
إن
طلبت منك نسوة من أهلك أو صديقاتك ومعارفك اقتراح فتاة ترينها مناسبة لأحد
الأشخاص او متوفرة على المواصفات التي يطلبها فلا تترددي في اقتراحها لهم
ومدحك لصفاتها وتحسين سمعتها أمامهم لعل الله ييسر من يقترحك لرجل يبحث عن
مثل مواصفاتك فكما تدين تدان، وإياك أن تدعي للحسد والحقد والتبرم مدخلا
الى قلبك ينغص عليك حياتك وهدوء أوقات فالحسد نار لا تأكل إلا صاحبها وأحبي
لغيرك ما تحبيه لنفسك يعطيك الله ما تحبين بل واكثر واحسن مما كنت
تتوقعين.
حاولي إقناع أهلك بأن هذا المتقدم مناسب لك ان شاء الله تعالى:
إن
تقدم لك أحدهم أو أبلغتك إحداهن بعريس بمواصفات محددة يبحث عن عروس تشتمل
على صفاتك وقد اقتنعت به واستخرت الله تعالى وانشرح صدرك له لكن أهلك رفضوه
لاعتبارات مادية او اجتماعية او عرفية فحاولي التحدث معهم بأسلوب هين لين
وإقناعهم أنه مناسب لك وأن العمر يمضي بك بسرعة وأنك تطمحين كباقي الفتيات
لتكوين أسرة والاستقرار مع رجل يصونك ويحافظ عليك ، وان كنت قد استخرت الله
تعالى وقد كتبه زوجا لك فسيتيسر أمر زواجك منه حتى وان رفض أهلك ذلك فالله
قادر على جعل رفضهم رضا وقبولا فهو مقلب القلوب .
وأخيرا وليس
آخرا أختي الكريمة ثقي أنك لن تفارقي الدنيا حتى تستكملي رزقك وان قدر الله
لك الزوج فثقي انه سيأتيك لا محالة ، إدعي الله تعالى وأنت موقنة بالإجابة
ولا تشكي أبدا في استجابته لك أو في طلاقة قدرته فهو يعطي حتى الكافر
والعاصي وهو أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا .
فالذي
نفسي بيده، إني لأعلم من تزوجت بالثلاثينات، ومن تزوجت بالأربعينات، ومن
تزوجت بالخمسينات، فأبشري بفضل الله تعالى ولا تقنطي من رحمته أبدا.
أسأل الله تعالى أن يطيب خاطرك ويرزقك الزوج الصالح الطيب الذي يسعدك ويؤنس أوقاتك ويعينك على طاعة خالقك .